Image fromhttp://medyadizim.blogspot.com/ |
وبعيدا عن جاذبية
"كريم" فإن قصة المسلسل في ذاتها تستحق التأمل. يحكي المسلسل قصة فتاة
ريفية فقيرة من أزمير تتعرض لحادث اغتصاب اشترك فيه ثلاثة شباب أثرياء مدللين وشاب
رابع بسيط الحال لم ينتهك "فاطمة" جسديا لكنه لم يحرك ساكنا لحمايتها
ومنع الاعتداء عليها وهو "كريم". ويقوم ذويهم بالتعاون مع زوجة أخيها، التي تلقت مقابل ذلك مبلغا
من المال، بالتلاعب بالأدلة وتشويه الحقيقة وتهديد الفتاة وإجبارها على الزواج من
"كريم" والانتقال للعيش معه بإسطنبول، فيما يفسخ خطيبها خطبته منها لأن
شرفها قد تلطخ من وجهه نظره. قُدمت تلك القصة من قبل في فيلم سينمائي تركي حمل
الاسم نفسه عام 1986 عن رواية للكاتب التركي Vedat Türkali بذات العنوان أيضا ومستلهمة من قصة حقيقية. إلا أن
تفاصيل الفيلم والرواية تختلف عن تفاصيل قصة المسلسل، وهو اختلاف ذكي
اقتضاه في رأيي تطور نظرة المرأة إلى ذاتها ونظرة المجتمع إليها عبر مرور السنين فَطن
إليه القائمون على كتابة المسلسل. كان الهدف من الرواية وقت صدورها لفت الأنظار إلى
ثغرة في القانون التركي تعفي المغتصب من العقاب إذا ما تزوج من ضحيته لمدة عام. وفقا للرواية والفيلم يشترك "كريم" في الاعتداء جسديا على "فاطمة"،
وكما تجبر "فاطمة" على الزواج منه يجبر هو أيضا من قبل رفاقه الأثرياء
على حمل وزر الجريمة بمفرده والزواج منها. على عكس المسلسل كان
"كريم" في البداية قاسيا على "فاطمة" لحد الاعتداء عليها
بالضرب وعلى عكس المسلسل أيضا كانت "فاطمة" فتاة منكسرة تسعى لكسب قلب
زوجها بالرغم من أنه واحد من مغتصبيها. بالتأكيد عندما يعاد تقديم تلك القصة في
عام 2011 (بداية عرض الموسم الأول من المسلسل2010-2011) يكون من المستحيل أن تقع
"فاطمة" في حب من قام باغتصابها، لذا كان لازما أن يكون
"كريم" غير مشارك جسديا في الاغتصاب. وكان لازما أن يعتصر الألم والندم
روحه وأن يسعى لمساعدتها في معاقبة الجناه، وهو منهم، أملا في الوصول إلى قلبها.
وهنا ألمس اختلافا صريحا، ربما أصبح من الضروري دعمه والتأكيد عليه، في تصوير علاقة الفارس المنقذ بالأميرة الوديعة[1] ، اختلاف أصبح يلقى رواجا عند المتلقي، لاسيما النساء، ليس في قصة مسلسل "فاطمة" فقط ولكن حتى في إعادة إنتاج السينما الأمريكية لحكايات شعبية كلاسيكية مثل "بياض الثلج والاقزام السبعة" كما سأتناول لاحقا. فنجد أن نجاح "كريم" في الوصول إلى قلبها قد جاء بدعمها في استعادة حياتها وثقتها بذاتها بالعودة إلى الدراسة وتحقيق استقلاليتها المادية والقصاص من مغتصبيها. وحتى بعد أن سامحت "فاطمة" "كريم" ووثقت به لم يشأ أن يقترب منها في علاقة حميمية حتى تشعر هى بأنها ترغب فيه. ومن هنا أحبت النساء "كريم" وتلك العلاقة الفريدة التي جمعته و"فاطمة" التي نجدها صاحبة إرادة وعزيمة على مواصلة حياتها بالصورة التي ترضاها لذاتها رافضة لأية حماية نفسية تفرض عليها بإصرارها على حضور جلسات محاكمة مغتصبيها لتواجههم وتنظر إلى أعينهم، كما نجدها تساعد فتاة أخرى اغتصبت على القصاص من مغتصبها.
فطنت السينما الأمريكية هي الأخرى لضرورة تقديم صورة مغايرة لشكل العلاقة بين الفارس وأميرته. فلم يعد فارس الحكايات هو من يقتل التنين أو الساحرة الشريرة بمفرده لينقذ الأميرة ثم يقبلها تلك القبلة السحرية التي تعيد الحياة إليها. فقد شاهدت مؤخرا مع ابنتي فيلم "مرآتي يا مرآتي" أو "Mirror Mirror" (وهي الجملة الشهيرة على لسان الملكة الشريرة في قصة سنووايت أو بياض الثلج والأقزام السبعة التي يحفظها معظمنا عن ظهر قلب) وفيه تتحدى الأميرة الملكة وتكون مع الأقزام السبعة عصابة لسرقة الأموال التي تنهبها الملكة من الشعب لتعيدها إليهم. كما تدخل الأميرة في مبارزة مع الأمير تفوز فيها عليه، بل وتمنحه هي القبلة الشهيرة لتزيل بها أثر السحر الواقع عليه من قبل الملكة. وفي مشهد من مشاهد النهاية يقف الأمير والأميرة جنبا إلى جنب في مواجهة وحش كاسر أطلقته الملكة عليهم. وعندما ينقلب السحر على الساحر و يتضح أن هذا الوحش ما هو إلا الملك الذي يعود إلى هيئته تشرح الأميرة لأبيها كيف ساعدها الأمير الذي يرد بدوره قائلا "لم يكن لدي أي فضل فالأميرة أكثر من قادرة على رعاية نفسها". بعد انتهاء الفيلم قالت ابنتي: تروقني "سنووايت" الجديدة أكثر، وعندما سألتها مستفسرة عن السبب أجابت ابنتي ذات الست سنوات بكل بساطة: لأنها لم تأكل التفاحة!
Image from http://extendedcut.blogspot.com |
[1] كانت الأديبة المصرية لطيفة الزيات سباقة في
تقديم شكل مختلف لتلك العلاقة الأزلية إلى المجتمع المصري في شخصية حسين بطل رواية
الباب المفتوح، ولكن تلك قصة أخرى.
تحفة يا لبني......استمري. اسلوبك سلس وواقعي ويوصل للقلب.
ReplyDeleteمظبوط والله يا لبنى! ودا السبب اللي عشانه يمكن بحب "الباب المفتوح". غير مفتتنة بصورة المرأة النمطية، الضعيفة.. اللي لازم رجل يسندها لمواصلة الحياة. نادر ما صادفت روايات أو افلام حتى عن المشاركة بمعناها الاوسع، اللي فيها قدر لا بأس به من الندية.
ReplyDeleteبس كدة عايزة اشوف Mirror Mirror ، بما اني مش ناوية اتفرج على مسلسل فاطمة :)
بس استمتعت بجد بالمقالة.. ماتحرميناش من كتابتك :)
شكرًا جزيلاً.. أضأتي الكثير من جوانب حبي للمسلسل :)
ReplyDeletethanks for sharing.
ReplyDeleteI am still anti TV series, especially drama, but I might give it a try.
best wishes,
@Dalia Younis شكرا لمنح خاطرتي بعضا من وقتك وسعيدة أنها اقتربت من شيء تحبينه:)
ReplyDeleteتحياتي
@Lasto Adriجميل أن تستند المرأة على ذاتها وجميل أيضا أن تجد رجلا يحفظ لها استقلاليتها ويدعمها عن حب.. ولذا كان "حسين" في الباب المفتوح مختلفا عن غيره من الفرسان.. أعلم أن الدراما التركية ينظر إليها أحياناعلى أنها غير عميقة وتعتمد على إثارة المشاعر وما إلى ذلك واعترف ان مسلسل ماذنب فاطمة جول؟ به بعض مواطن الإطالة والمغامرات "الامريكاني" ولكني حقيقة استوقفني الرسم البارع في رأيي لشخصيتيّ كريم و فاطمة والعلاقة المتفردة التي جمعتهما معا..اتمنى أن تغيري رأيك وأن تشاهدي المسلسل.. أداء "إنجين" عن جد رائع ووجهه معبر للغاية..أما عن فيلم مرآتي يا مرآتي فإنه بهجة حقيقية وتصميم الملابس رائع..سعيدة يا إيمان إنك قرأتي وشكرا لاهتمامك بالتعقيب يا جميلة
ReplyDelete@Nousha thanks for passing by and giving me your feedback:)I know that the Turkish series have this reputation of being a replica of Soap Operas or considered a pop culture and thus a bit shallow, but this one in my opinion is different, still you might find it a bit long with some American style adventures, but as I mentioned in one of my comments above the characters of Kareim and Fatma and their relationship are very well depicted. If you changed your mind and really wanna give it a try i suggest you watch the series in Turkish with English subtitles. The Turkish language is fun to listen to as it has lots of Arabic words! Mirror Mirror is very nice and sweet too:)
ReplyDelete@Anonymous شكرا للكلمات الطيبة والاهتمام بالقراءة والتعقيب
ReplyDeleteتحياتي:)
Although I haven not seen the film yet, I definitely like the "new" Snow White! How I wish the eastern women stand up for themselves and acknowledge their strength and the power within.
ReplyDeleteAs for my beloved granddaughter, although she is only six- god bless- I know she already chose her path and has decided to be no less than the "new" Snow White!
Omny
تحليل رائع
ReplyDelete@Omny thank you for your feedback and yeah I think she has:)
ReplyDelete@Yasime شكرا لتعقيبك وسعيدة أن الخاطرة قد أعجبتك:)تحياتي
ReplyDelete