Showing posts with label قراءات و مشاهدات، مساحة حرة. Show all posts
Showing posts with label قراءات و مشاهدات، مساحة حرة. Show all posts

Monday, March 16, 2015

أنشودة اللافندر


Image credit Wikipedia 
اقسم بجمال حقول اللافندر
 عندما أصبح ملكا
ستكونين أنت ملكتي
 من أخبرك بذلك؟ 
إنه قلبي من أخبرني بذلك

ذلك مقتطف من أنشودة أو ترنيمة اللافندر واحدة من أقدم و أجمل الترنيمات الشعبية في بريطانيا التي تعود إلى القرن السابع عشر وتصل أبياتها الشعرية إلى نحو الثلاثين بيتا بتنويعات مختلفة. أشهرها تلك النسخة التي أعادتها إلى الأذهان مؤخرا ديزني من خلال فيلمها الناعم سندريلا.  بالرغم من أن سندريلا  لم تكن أبدا من أميرات الحكايات المفضلات لدي في الصغر لأني كنت دوما أسأل نفسي ترى لو لم تكن سندريلا جميلة هل كان التفت إليها الأمير؟ كما كان يزعجني أن سندريلا ربما كانت لطيفة أكثر من اللازم.  لكن نسخة ديزني الجديدة بعثت في روحي دفء ترنيمة اللافندر التي تشدو بها سندريلا خلال أحداث الفيلم ومحبة لأميرة الحكايات الأشهر . 

الفيلم وإن لم يأت بجديد لحبكة الحكاية التي نعرفها جميعا إلا أن بعض الإضافات الذكية في الأحداث وفي رسم الشخصيات منحت الحكاية الأبدية عمقا.  فسندريلا بالرغم من جمالها إلا أنك لا تلتفت لجمالها قدر التفاتك لروحها التي تظهر جسارة بقدر ما تظهر لطفا. يعود ذلك إلى حد بعيد لبراعة الممثلة البريطانية لي لي جيمس في أداء شخصية سندريلا فقد جاء أداؤها ناعما ورقيقا دون أن يشعرك بأنها ضحية. لم تكن سندريلا ضحية بل كانت صاحبة عزيمة. كانت رحيمة وجسورة فقد أسرت لها والدتها قبل أن ترحل بسر الحياة الذي يتمثل في الرحمة والجسارة، فبهما يُبعث السحر الكامن في الوجود. تُظهر سندريلا رِباطة جأش عند استقبالها نبأ وفاة والدها ومن قبله والدتها حتى مع بكائها تستشعر ذلك، فقد كان حرصها على مواصلة الحياة والاحتفاء بها كما علمها والداها ورغبتها في حفظ ذكراهما أقوى من أية مشاعر حزن. حتى السحر في القصة  لم يأت كمُسَلمة أو دون اختبار، ففي لحظة تستشعر انهزام عزيمة سندريلا أمام قسوة زوجة أبيها، فلم يعد بإمكانها أن تتحلى بالشجاعة أمام تلك القسوة، لم يعد بإمكانها أن تؤمن بالسحر الكامن في الوجود. في تلك اللحظة ظهرت سيدة عجوز تطلب منها أن تسقيها أو تعطيها كسرة خبز لنكتشف أن  ايمان سندريلا بالرحمة وعزيمتها وجسارتها لم تنهزم بل شابتها لحظة ضعف. اعطت سندريلا للعجوز ما طلبت لتكشف العجوز عن هويتها الحقيقة، فما هي إلا الجنية العرابة التي ستكافيء سندريلا بمساعدتها على الذهاب إلى الحفل. كما لم تسع سندريلا للذهاب إلى الحفل للرقص مع الأمير فقد كانت تحلم برؤية ذلك الشاب المكافح الذي قابلته مصادفة منذ عدة أيام في الغابة والذي لم تعلم وقتها بالطبع أنه الأمير، والذي جاء رسم شخصيته هو الأخر موفقا. فقد كان الأمير رحيما بوالده بالرغم من اختلاف مسعاهما. كما حرص القائمون على الفيلم على اظهار افتتان الأمير بروح سندريلا وعزيمتها وليس جمالها من خلال الحوار الدائر بينهما في أول لقاء. وهو ما اكده حوار أخر مع مساعده  الذي ادهشه افتتانه بها والجميلات كثيرات فأجابه الأمير ليس لجمالها بل لروحها. اجابة ذكية وإن لم تجب عن سؤال الطفولة الملح ولكني ربما كنت مؤهلة نفسيا لتقبلها فوسط صخب الحياة والسيل المنهمر من الأنباء القاسية يجدر بك أن تتقبل فكرة وجود أرواح محبة منزهة عن الغرض على سبيل التغيير. 

أما عن الرقصة الشهيرة فقد خلق أداء البطلين لها حالة من الحب والتسامي، وكان لرؤيتهما يرقصان معا في تناغم تأثير عذب على النفس. كنت فعلا بحاجة لحكاية سندريلا لاستعيد ولو لساعات البراءة الأولى التي جرحت بفعل الترحال بين نفوس البشر والحياة. 

ملحق بهذه التدوينة نسخة أحبها لترنيمة اللافندر تحية مني للأرواح الرحيمة صاحبة العزم بيننا.  إذا شعرت برغبة في التمايل والرقص على أنغام أنشودة اللافندر لا تخجل وارقص، فقد رقصت أنا وابنتي نور علي أنغامها الحالمة أكثر من مرة بالأمس، كما غنينا كلماتها معا. كان تأثيرها ساحرا حقا أتمنى أن تختبروه. بقي أن أقول أن حقول اللافندر انضمت لقائمة الأماكن التي أحلم بزيارتها يوما ما قبل مغادرتي لهذا العالم.

 

أغلب النسخ الحديثة من الترنيمة تستخدم تلك الأبيات أو تنويعات عليها
Lavender's blue, dilly, dilly, lavender's green,
When I am king, dilly, dilly, you shall be queen.
Who told you so, dilly, dilly, who told you so?
'Twas my own heart, dilly, dilly, that told me so.
Call up your men, dilly, dilly, set them to work
Some to the plough, dilly, dilly, some to the fork,
Some to make hay, dilly, dilly, some to cut corn,
While you and I, dilly, dilly, keep ourselves warm.
Lavender's green, dilly, dilly, Lavender's blue,
If you love me, dilly, dilly, I will love you.
Let the birds sing, dilly, dilly, And the lambs play;
We shall be safe, dilly, dilly, out of harm's way.
I love to dance, dilly, dilly, I love to sing;
When I am queen, dilly, dilly, You'll be my king.
Who told me so, dilly, dilly, Who told me so?
I told myself, dilly, dilly, I told me so.

Thursday, October 23, 2014

أودري


http://writeactdancesing.com/
لا ترى سواه في القاعة المكتظة بالصحفيين .. لا ترى سواه ولا يرى سواها.. وسط الحضور المهيب والأسئلة المتلاحقة تتحاور عيناهُما بلغة أبلغ من أي لغة.. تقول عيناها: أنتَ إنه أنتَ.. تقول عيناه: أنا هنا حبيبتي وأعرف.. تقول عيناها: اثق بك.. تجيبها عيناه:  بإمكانكِ أن.. تخبره عيناها بأنه قد أسر قلبها وروحها إلى المنتهى.. يا ليت كان باستطاعتي أن.. تخبرها عيناه بأنها حبيبته إلى المنتهى.. ويا ليت كان باستطاعتنا أن.. تحتضنه عيناها بنظرة وداع أخيرة.. كم سأشتاق إليكَ .. تضمها عيناه.. كم سأشتاق إليكِ..

يظل هذا المشهد السينمائي الأخير من فيلم أجازة في روما Roman Holiday  لأودري هيبورن وجريجوري بيك انتاج عام 1953 الأكثر قربا إلى نفسي من بين ما شاهدت وعلق في ذاكرتي من مشاهد الأفلام.. مشهد كامل يعتمد على حوار صامت بين عينيهما تتخلله كلمات قليلة، وقد برع النجمان في أدائه لأقصى حد. كلما ثقلت نفسي أعود لمشاهدة هذا الفيلم بالرغم من تلك النهاية الحزينة لقصة حب مستحيل بين أميرة وريثة لعرش أوروبي وصحفي أمريكي بسيط ضائق اليد. تدور القصة حول الأميرة (آن) التي تتمرد ليوم واحد على حياة القصر التي تحد من خيالها وحريتها لتخرج دون علم من مَن في القصر في مغامرة بالعاصمة الإيطالية روما، والتي تزورها ضمن جولة أوروبية، ليتقاطع طريقها وطريق صحفي أمريكي (جو برادلي) ويقضيان يوما في زيارة بعض معالم المدينة العتيقة دون أن تلحظ أنه قد كشف شخصيتها ويسعى إلى اقتناص سبق صحفي عن قصة هربها، لينتهي اليوم وقد لمس كل منهما روح الآخر فيتخلى (برادلي) عن مسعاه بالرغم من إدراكه أن قصتهما لا يمكن لها أن تكتمل.. 
ويتقابلان في مشهد أخير في مؤتمر صحفي للأميرة التي تكتشف وجوده بين الصحفيين وتدرك هويته الحقيقية وأنه قد أتى ليودعها ويطمئنها في ذات الوقت أن قصة ذلك اليوم في روما ستظل محفوظة في ذاكرته وقلبه فقط. شيء ما في تلك القصة ينعش روحي.. ربما فكرة ذلك اليوم الذي اقتنصته الأميرة من زمنها المقيد تشعرني بالحرية.. ابتهج لرؤيتها تضحك وهي تجوب المدينة تتواصل مع أناس بسطاء لا يدركون هويتها الحقيقية.. تقص شعرها الطويل فتظهر قصة الشعر الجديدة وجهها الطفولي المشرق.. يمنحها بائع زهور وردة بالرغم من إدراكه بأنها لا تحمل نقودا تكفي لشراء أي زهرة من عربته.. تمرح وتلعب وترقص.. وتشعر لأول مرة بمشاعر الحب.. ربما عنفوان المشاعر وبراءتها المنسابة عبر مشاهد الفيلم يبعث دفئا في قلبي.. ربما عفوية أودري هيبورن في دور الأميرة تمنحني بهجة ما. وارتبطت على إثر ذلك بروما، التي أحلم بزيارتها في يوم ما، وبأودري هيبورن.

عندما أهداني زوجي تقويما للعام الجديد يحمل صورا لأودري هيبورن -لمعرفته بمحبتي لها- وجدتني ابتسم وأنا أقلب صفحات التقويم.. ينبع من ابتسامتها سحر آخاذ يبعث سكينة إلى الروح.. وتساءلت في نفسي كيف لابتسامتها هذا التأثير بالرغم من أن حياتها قد ضمت الكثير من الأحزان..فقد عانت أودري هيبورن في طفولتها من ويلات الحرب العالمية الثانية واحتلال ألمانيا لموطنها هولندا حيث عانت من الفقر وسوء التغذية في تلك الفترة. كما تشتت أسرتها بانفصال والديها وانقطاع الاتصال بوالدها البريطاني الجنسية الذي قامت بالبحث عنه في مرحلة لاحقة من حياتها حتى تمكنت من الوصول إليه وظلت ترعاه ماديا حتى وفاته. اخفقت في حياتها الزوجية مرتين وفقدت أجنة ولكنها ظلت تبتسم في وجه الحياة.. لا تحمل ابتسامتها أي افتعال أو غرور أو ضحالة، ولكنها ابتسامة ترى فيها انعكاسا لروح متحدية اختبرت الحياة فقررت أن تواجه مرواغتها بابتسامة. تلك الابتسامة  تمنحني دوما دفئا وأملا. فكم أنا ممتنة لأودري هيبورن وابتسامتها.




*اعتزلت أودري هيبورن العمل السينمائي في أواخر الستينيات من القرن الماضي لتتفرغ لحياتها الأسرية وتنشئة ولديها، وإن كانت قد شاركت في أعمال قليلة خلال السبعينات والثمانينات. كرست سنوات حياتها الأخيرة للعمل سفيرة لمنظمة اليونسكو حيث شاركت في العديد من الرحلات الميدانية للمناطق الفقيرة والمنكوبة بمختلف دول العالم، أشهرها رحلتها إلى اثيوبيا عام 1988 التي جذبت الأنظار إلى ما كانت تقاسيه أثيوبيا أنذاك من مجاعة وحرب أهلية طاحنة. أنشأ ابناء أودري هيبورن صندوقا باسمها لتمويل مشروعات من شأنها مساعدة الأطفال في الأماكن المنكوبة من العالم.