Showing posts with label رسائل إلى نور. Show all posts
Showing posts with label رسائل إلى نور. Show all posts

Wednesday, October 16, 2013

الله


هل الله حقيقة أم أنه مثل عروس البحر والجنيات وسانتا؟
هكذا طرحت نور سؤالها في بساطة وتلقائية تليق بسنوات عمرها البريء - تدهشيني قدرة الطفولة تلك على طرح الأسئلة بلا خوف وبلا رقابة ذاتية على العقل والروح- أجبتُ:
- الله حقيقة وليس خيالا.
 أردفتْ نور بسؤال لا يقل تلقائية عن سؤالها الأول:
- لماذا إذن لا آراه؟
اسعفتني الذاكرة بإجابة في هيئة سؤال لا أذكر مصدره لكنه موجود في مخزوني المعرفي على أية حال:
- هل بإمكانك أن تري الهواء يا نور؟
- لا
هل بإمكانك أن تشعري به؟
- نعم
- إذن الهواء لا يمكنك أن تريه ومع ذلك يمكنك أن تشعري به وهو يحرك خصلات شعرك أو يلامس وجهك.
وهنا فاجأتني نور-وقد فهمت مقصدي بسرعة- قائلة: أنا فعلا أشعر بالهواء ولا أراه ولكن الأمر هنا مختلف لأني لا أشعر بالله.
استوقني إلى جانب تعقيب نور ما جال بخاطري لحظتها من مشاهد وأفكار متسارعة..مشاهد لرجال غليظي الوجوه يسبون ويبطشون باسم الله..أقوام يتنازعون على الله.. وأقوام أخرون ينكرونه.. ترى متى ستأتي إلى نور لتسألني عن هؤلاء الرجال غليظي الوجوه؟ ومتى ستأتي لي باكية لأن زميلا أو زميلة لها في مدرستها الأمريكية قد نعتها بصفة، لأنها مسلمة، لا تفهم معناها لكنها تبدو سيئة؟
ضممتها إلى صدري فقد شعرت أنني أريد أن أحميها من صخب عالمنا الذي بدأ يُثير فضولها ويُحيرها..وتذكرت حكاية جميلة من حكايات الأديب المصري توفيق الحكيم للأطفال عنوانها الله وسؤال الحيران..طبعت قبلة على كفيها الصغيرين وطلبت منها أن تنتظريني لثوان ريثما آتي لها بكتاب الحكايات من المكتبة. جلسنا معا على درج المنزل وبدأت أقرأ لها القصة التي تحكي عن طفل
By Daniela Scarel http://www.danielascarel.com  
طلب من أبيه أن يريه الله، فالأب دائم الحديث عن الله ودائم الشكر له عز وجل. احتار الأب ولم يعرف بماذا يجيب؟ فهو لم ير الله هو أيضا بل لم يفكر في ذلك الأمر من قبل. وعد الأب ابنه أن يذهب ليرى الله وأن يأتي بعد ذلك ليريه إياه. وبدأ رحلة بحثه التي طاف فيها بالمدينة يسأل الناس، فلم يلتفت إليه الناس فقد كانوا مشغولين بحياتهم اليومية، فذهب إلى رجال الدين ليسألهم، فقالوا له كلاما محفوظا من الكتب لم يفهم منه الكثير، ثم مر بشيخ طيب أرشده إلى أن يذهب إلى طرف المدينة فهناك سيجد عجوزا مؤمنا من أولياء الله الصالحين ربما يجد ضالته عنده. بالفعل ذهب الأب لهذا العجوز المؤمن الذي قال له إن الله لا يمكن أن نراه بعيوننا الضعيفة وطلب منه أن ينظر إلى الشمس وأن يثبت نظره عليها فنظر الأب إلى الشمس التي كان ضوءها ساطعا في السماء فمكان منه إلا أن صرخ أن نور الشمس يحرق عينيه وأنه لا يمكنه الاستمرار لأن النور سيعمي بصره. وهنا عاجله العجوز قائلا إن نور الشمس الذي حرق عينيه لا يضاهي نور الله الذي خلق هذه الشمس وملايين الشموس والنجوم فإذا لم يكن باستطاعته أن ينظر إلى نور الشمس مباشرة دون أن تحترق عينيه فما باله بنور الله خالقها. أدرك الأب أن عينيه البشرية لا يمكن لها أن ترى نور الله فسأل العجوز: ألا توجد طريقة أخرى غير العيون البشرية يمكننا أن نرى الله بها؟ أجابه العجوز المؤمن: الإحساس بقرب الله.. فتساءل: وكيف أحس بوجود الله بقربي؟ فكان رد العجوز: إذا فزت بمحبته يقترب منك وتشعر بقربه.. قال الأب ولم يزل في حيرة من أمره: وكيف أعرف أن الله اقترب مني؟ أجاب العجوز: ألست تشعر بنور الشمس ودفئها وأنت مغمض العينين هكذا تشعر بنور الله في صدرك وهو يقترب منك دون أن تراه رؤى العين. قال الرجل: ولكن متى يقترب مني؟ أجابه العجوز بصبر: إذا فزت بمحبته والله لا يعطي محبته إلا بشرط..فتساءل الأب في لهفة: وما الشرط؟.. أجابه العجوز: "العمل الطيب... النافع للناس... إن الله هو الخير وهو يحب من يعمل الخير... العمل الطيب للغير... وبه تحس الانشراح في صدرك لأن النور دخل في قلبك... نور الله... وعندما يدخل هذا النور قلبك فأعلم أن الله قريب منك..." 
ابتسمت نور وبدا أنها تفكر في ما سمعته من أحداث القصة ثم قالت: إذا سيأتي الله إلي؟
 - إذا اقتربت منه بعمل أشياء جميلة.
- هل أنت أكيدة من أنه سيأتي إلي وسأشعر به إذا عملت أشياء حلوة.
- سيكون دعائي أن يأتي الله إليك ويكون عز وجل دوما إلى جوارك يا نور.
ابتسمت نور ثم جرت لتلعب وتقفز وتمرح كعادتها وكأنها لم تسأل لتوها سؤالا وجوديا عميقا يدور البشر في فلكه حائرين.
***
حبيبتي.. لا أعرف كيف سيبدو العالم حين تشرعين في قراءة تلك الرسالة..أدعوالله أن يكون عالمك أكثر سلاما ومحبة كما كنت دوما تتمنين.. كانت هناك أحداث مربكة ومحزنة مصاحبة لحوارنا ذاك حيث استبد الظلم والجهل وشهدنا صعودا  لحركات متطرفة تحت شعار ديني زائف في بلادنا على وجه الخصوص..وشهدنا صراعات سياسية وعقائدية وفكرية معقدة، ولكنها لم تكن بأي حال من الأحوال صراعات أوأحداث انفرد بها زماننا.. هذا حال البشر منذ قديم الأزل.. نحن فقط ننسى.. حبيبتي.. قد تأتي أيام تلتقين فيها بأناس ينكرون الله.. وقد تلتقين بأناس آخرين يظنون أن الله في الغلظة والقسوة والبطش.. قد تأتي أيام  يربكك فيها الظلم وغلظة القلوب.. قد تأتي أيام تيه وضعف تراجعين فيها ما تؤمنين به وتتدبرين فيما علمته لك الأيام وتبحثين فيها عن الله مجددا.. إذا ما جاءت تلك الأيام تذكري أن الرحمن الرحيم هو أول ما علمتك من صفاته عز وجل وتذكري لحظات عناقنا فرحمته ومحبته في تلك اللحظات.. تذكري كيف كنا نُسبح باسمه معا ونحن نتأمل جمال خلقه في ألوان أوراق أشجار الخريف وأضواء السماء وقت الغروب وصوت هديل الحمائم بجوار النهر.. فهو المصورالبديع يخاطبنا بلغة الجمال ونحاكيه بها.. تذكري أن الشر والخير بأنفسنا ونحن من نختار الطريق.. تذكري دعاء التلبية الذي تحبينه وينشرح له صدرك وصدري عند سماعه معا.. لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك..واعلمي أن الطريق إلى الله  تجربة ذاتية وطريق بحث صعب لا تخشي خوضه فقط تذكري أن قوامه المحبة الخالصة والتواضع..وسأدعو لك يا صغيرتي حتى أخر يوم في عمري،كما وعدتك ذلك اليوم، أن يكون الله عز وجل دوما إلى جوارك...اللهم تقبل... 

*كتبتُ تلك التدوينة منذ عام تقريبا ولم أرغب في نشرها على مدونتي حينها..ولا أعرف لماذا اخترت أن انشرها الآن.

Monday, October 1, 2012

ماما..هلا هدأت قليلا؟



ترفض نور الامتثال بهدوء إلى جدولي الزمني الذي أضعه لتنظيم أنشطة ومهام اليوم..تعبرعن رفضها بطرق شتى..تغضب حينا عاقدة حاجبيها ومفصحة عن ما بداخلها من رفض بكلمات تخرج من فمها متلاحقة كطلاقات المدفع " لا أحب كل شىء بسرعة "، وتتباطأ عمدا في حركتها حينا أخرعندما أنبهها في المساء باقتراب وقت النوم أو في الصباح باقتراب رنين جرس المدرسة، وفي أحيان أخرى تبدأ معي جدلا عن الحكمة من الذهاب باكرا إلى المدرسة فهي تحب أن تلعب قليلا في الصباح أو أن تكمل القصة التى بدأت فى تصفح أوراقها بالأمس. تريد نور وقتا خاصا بها..لا تريد روتينا يوميا سريعا.. تريد أياما بلا اندفاع.. بلا ضغط.. بلا صخب، وكأنها تدافع عن زمنها الطفولي ضد زمن الكبار الذي أفرضه عليها..ألوم زمني السريع وتتأرجح ثقتي في ذاتي..فأنا لا أعلم حقا أيًا منا على صواب..أمضيت نصف عمري أركض لاهثة خوفا من الوقت.. ومازال ينهكني الركض..تقف نور تتأملني للحظات وأنا أقوم بحركات مكوكية..أنتهي من ترجمة الفقرة الأخيرة من المقال الذي ينبغي تسليمه غدا..أعيد ترتيب الطاولة سريعا..أجري مكاملة هاتفية لتأكيد موعد صباحي..أتذكر أن علي وضع الملابس في المجفف فأذهب مسرعة لوضعها..تأتيني خاطرة فأبحث عن دفتري لتدوين الفكرة قبل أن تهرب..أفتح الثلاجة لأقوم بحصر الأشياء التي ينبغي شراؤها في الغد.. تباغتني نور قائلة: ماما هلا توقفت؟ هلا هدأت قليلا؟  تعالي لوني معي في كتاب التلوين! انظر إلى ساعة يدي وأخبرها بأن موعد النوم قد حان..تستعطفني صغيرتي قائلة: "أرجوكي لوني معايا شوية".."إنتي على طول على طول بتجري"..افكر للحظات..اخلع عني ساعة اليد..وأبدأ في التلوين.

نور حياتي وملهمتي الصغيرة نور..ستمضي بنا الأيام كعادتها سريعا وسنتبادل الأدوار..ستركضين سريعا في كل حدب وصوب..تصارعين الأيام وتصارعك..وربما لن يكون بإستطاعتي ملاحقتك..وسأطلب منك مستجدية أن تتوقفي وتهدأي قليلا ربما لنشرب معا كوبا من الكاكاو الساخن الذي تحبينه كثيرا لتحكي لي عن ما يؤرقك ويشغل بالك..ولكم آمل أن تُلبي ساعتها رجائي..وأن نتحدث معا حتى يسرقنا الوقت.

Monday, May 30, 2011

ثوب برتقالى و حلم ملون


منذ استلامنا الدعوة لحضور حفل عيد ميلاد أحد أصدقائها ، أخذت ابنتى نور تفكر و ترتب و تسأل عن مدى اقترابنا من اليوم الموعود. اختارت نور بعناية ثوبها البرتقالى " زى لون الشمس" و حذائها الأبيض و " توكة " شعرها التى لم تنسى أن تكون ملائمة للون ثوبها .و ظلت تحكى عن الألعاب التى ستلعبها ، و تخمن من سيأتى من أصدقائها إلى الحفل ، و تحلم بالبالونات و  التورتة الكبيرة الملونة.
و عندما جاء اليوم المقرر للذهاب ، حدث ما لم يكن فى الحسبان. اجتمعت الأقدار على عدم وصولنا إلى مكان الحفل. كان الأمر غريبا حقا ، مسلك خاطىء ، أعقبه حادث سير كبير أصاب حركة المرور بشلل تام ، ثم إشارة معطلة ، و أخيرا  نفاد الوقود. لآخر لحظة لم تصدق نور أننا لن نستطيع الذهاب للحفل الذى انتظرته أسبوعا كاملا بفارغ الصبر و ارتدت من أجله فستانها المفضل. بكت نور بشدة و اختنق صوتها  وسط دموعها و هى تعلن عن رفضها للوضع القائم و رغبتها فى الذهاب إلى الحفل الآن . ضممتها إلى صدرى و حاولت تهدئتها، رفضت فى البداية ثم استسلمت و بدأت فى الاستماع إلىّ ، شرحت لها ما حدث مرة ثانية و أتفقنا على أن نذهب إلى مكان آخر أعرف أنها تحبه ، و كعادتها اختتمت نور حديثها معى بأمل فى تحقق حلمها الطفولى البسيط فى وقت آخر " حنروح عيد الميلاد فى مرة تانية .. مش كده ؟ ".

حبيبتى .. يعجبنى تمسكك بتحقق أحلامك ، إن لم يكن اليوم فربما غدا . صغيرتى ستأتى أيام  ترتدين فيها للحياة أبهى ثيابك و تتزينين بآمالك و انطلاقاتك ، لكن أقدار الحياة لا تأبه أحيانا بالزينة و الأحلام الملونة. إذا حال طريق الحياة بينك و بين حلم لك ، و إذا لم ينجح مسعاكِ فى الوصول إلى أمر كنت ترغبين فيه ، و إذا ما جاءت الأيام بغير توقعاتك ، أريدك أن تتذكرى أنه لا ضرر من الضيق و الحزن و حتى البكاء ،  تلك مشاعر لا يمكن أن نمنع أنفسنا من الإحساس بها ، مساحة من الوقت لا تطول و لا تلقى بك فى دوامتها. أريدك أن تستدعى تلك الروح الصغيرة البريئة القادرة على المواصلة و الحلم من جديد. أريدك أن تعرفى أنها بداخلك مهما كبرت و أنها ستجد لك مسلكا ، بإذن الله ، مهما كان طريق الحياة صادما و و عرا .







 

Saturday, April 23, 2011

يسعد أيامك يا نور





تأتينى نور كل صباح بابتسامة تضيىء وجهها الصغير و سؤال : " حنعمل إيه النهارده ؟ " 
فى حال لم يكن هناك خطة واضحة لكيفية قضاء اليوم .. يعقب السؤال عدة اقتراحات لجعل اليوم مسليا من وجهة نظرها .. ما بين الخروج إلى ساحة الألعاب أو دعوة إحدى صديقاتها للعب معها أو مشاهدة فيلم كرتون أو الذهاب لشراء ألوان ماء جديدة و صلصال و غيرها من الأفكار التى لا تنضب أبدا


أما إذا كانت هناك خطة لرحلة أو لنزهة  فتتحمس نور و تظل تحلم باليوم المقرر للقيام بتلك الرحلة أو النزهة و تسألنى و هى تحاول جاهدة أن تفهم  الفرق بين الشهور و الأسابيع و الأيام و الفصول  : " يعنى الصيف ده إمتى ؟ " و " يعنى ننام و نصحى ننام و نصحى نروح السيرك ؟ " .

تنظر نور إلى أيامها بإبتهاج ، فكل يوم يمثل لها مغامرة جديدة ، فتصحو على شوق و أمل فى قضاء يوم جميل . و عند حلول موعد النوم تصدر نور تصريحا بدرجة تسلية اليوم ، فهو إما كان مسليا  " قوى " أو " شوية " أو  " مش حلو قوى " ، و فى حالة كان اليوم من النوع الثالث فيبقى الأمل فى الغد فتقول و عيونها تنعس : " يمكن بكرة أحلى " .

صغيرتى كم أنت جميلة و مرحة و ذكية .. أدعو الله أن تحنو عليك الأيام يا نور ، و إن اشتدت و ستشتد فى وقت من الأوقات يا حبيبتى فأتمنى أن تظلي على ذات الأمل و الشوق بأن الغد سيحمل لك ما هو أجمل و أفضل ، و أن تعرفي أنك أنت من تصنعين هذا الغد بأفكارك و أحلامك التى لا تنضب . أتمنى يا نور أن تستيقظى كل صباح  بابتسامتك الحلوة و بشوق و حب للحياة مهما بلغت درجة الصعوبات و الإحباطات و الإنكسارات . و أنا أكيدة يا نور أن بروحك المرحة و فطنتك ستجدين عند كل عثرة طريقا و مسلكا جديدا بإذن الله .

و يا رب يسعد أيامك يا نور ..